قصة التنوع ج1

1 ثانية
0
0
1,155

في قصة التنوع

بإتزان عالم الأفكار ..يتزن عالمي العلاقات والمشاريع

في هذه المساحة يطرح الباحث ومدير مركز التنوع أ. ياسر الغرباوي الفكرة  النظرية التي  تم إنشاء مركز التنوع للدراسات والأبحاث على أساسها، وارتباط بمسألة التعددية والتنوع  والأطروحات النظريه التي يطرحها المركز  لإدارة هذا الملف الشائك والهام.

يرى الغرباوي أن التنوع مسألة تحدي للأمة يمكنها للجميع إدارتها  بمسارين أحدهما الحل الذي يودي بالدولة ويفتتها، ويسمح لها أن تقع في فخ “التشظي” حينما يدب فيها الخلاف والانشقاق بسبب التنوع داخل إطار الدولة الواحدة سواءً على المستوى العرقي أو الطائفي والمذهبي. والمتتبع لتاريخ الأمة يرى أن الأمة العربية والإسلامية كانت تؤْتى دائماً من عوامل الشرخ والانقسام في الداخل، ومن سؤ إدارة التنوع في الحاضنتين العربية والإسلامية ، قبل أن يأتي المحتل ليكمل مهمته، لذا يطرح الغرباوي المسار الثاني كحل يجعل الأمة تستفيد من الاختلاف والتعددية  لتجعله تنوعاً يثري الأمة ويقويها، ويصبح في ميزان قوتها لا في ميزان ضعفها.


يضرب الغرباوي بالمكونات في الساحة المصرية والتي اعتبرها مكونات أصيلة  واختلافها عن المجموع لا ينفي وطنيتها أو انتسابها للوطن والمكان الذي تنتمي فيه، فمسيحية الأقباط لا تنفي مصريتهم،  وقطاع الأفارقة في السودان عدم انتماءهم للعرق العربي لا ينفي سودانيتهم وإنتماءهم الوطني، وكذ الأمر مع الأكراد في العراق وهكذا، كل هذا المكونات لم تفرض نفسها على الأمة وإنما كانت جزءاً أساسياً فيه، مُشَكِلةً لأهم قطاعاته الاجتماعية والسياسية، ومساهمة في مكوناتها الفكرية والثقافية.

فكرة المركز

ثم يستعرض الغرباوي الفكرة التي تم إنشاء ” مركز التنوع” على أساسها وهي  كيفية التعامل مع مشروع بحجم مشروع التعدد والتنوع العرقي والمذهبي والديني والطائفي في العالم الإسلامي، والذي اعتبره من التحديات الخلاقة، ومن ثم كانت الفكرة الحاكمة في مركز التنوع هو كيف يمكن البحث وكيف تتم الاستجابة لهذا التحدي، وكيف يمكن تحويلها من خلال الإطار المعرفي النظري إلى نقطة قوة بدلاً من نقطة ضعف تعيب الأمة وتمزقها.

التاريخ واغتيال المستقبل

يرى الغرباوي أن مركز التنوع يطرح رؤية جديدة في هذ الإطار، رؤية أحد أهم مكوناتها هو التعاطي بشكل مختلف مع التاريخ طارحاً نفس سؤال الفيلسوف الألماني نيتشه :”ما هي منفعة التايخ إلى البشرية ؟!”. حيث يجب أن يُعاد صياغة العلاقة بيننا وبين التاريخ، لابد من الإجابة على سؤال العلاقة مع التاريخ، وفلسفة التعاطي معه بحيث لا يسمح للتاريخ باغتيال المستقبل. حيث استخدم ولا زال  بشكل سلبي ومجتزئ في التفتيت والتمزيق بين مكونات عرقية وطائفية داخل نسيج البلد الواحد.

ويذكر الغرباوي عدة أمثلة من بينها  الحالة المصرية التي يتم فيها استدعاء حالة المعلم يعقوب الذي تعامل مع الحملة الفرنسية للتدليل على رؤية فاسدة وهي وصم المجموع المسيحي المصري بأكمله بتهمة الخيانة. وهنا يأتي النظرة الجديدة للعلاقة بيننا وبين التاريخ من اقتراب تحليلي وموضوعي وليس من اقتراب نقل الحدث وإعادة تدويره لخدمة أجندات بعينها، فمثلاً لابد أن تتم المعالجة لهذة الرواية التاريخية – رواية المعلم يعقوب – إن كانت صحيحة في طرح تساؤلات لماذا تحالف الجنرال يعقوب مع الحملة، وما الذي دفعه لذلك، وهل قُدِّر بسبب هذه الحادثة الفردية في التاريخ تعميمها عل كل مسيحي مصر وأجيالهم، وهل ليس هناك في المصريين المسلمين من لم يتعاون مع الحملة، وأين كل تلك الفتاوى التي كانت تصدر من مشايخ يقولون بعدم جواز مدافعة ومحاربة الفرنسيين لإنهم قدر الله وقضاءه الذي نزل على مصر حينها..

ثم لابد من التعاطي تاريخياً مع مواقف مشرفة أثبتت حس المسيحيين المصريين الوطني ونزاهتهم،  والمواقف هنا لا تُعد ولا تُحصى من بينها على سبيل المثال لا الحصر رفض الكنيسة المصرية في أيام حكم محمد علي باشا دعوة قيصر روسيا في الإنضواء تحت رعايته ورعاية الكنيسة الارثوذكسية الروسية، وتجلى هذا الرفض في بابا الكنيسة الأرذوكسية بطرس الجولي-البابا109 للكنيسة-الذي رفض تدخل روسيا لحماية الأقليات عندما شعرت روسيا بالخوف من نفوذ محمد علي الذي قد يمنع تغلغلها في الشرق، فحاولت الاستعانة بالأقليات في تنفيذ مخططها، فبعثت بأحد أمرائها ليفاوض بطريرك الأقباط البابا بطرس الجاولي، لوضع الأقليات تحت حماية قيصر روسيا العظيم، فما كان من البابا إلا أن سأل الأمير سؤالاً أثار دهشته وغيظه في الوقت نفسه: هل قيصركم يحيا للأبد؟

فقال الأمير: لا ياسيدي البابا يموت كسائر البشر، فرد عليه البابا: إذن أنتم تعيشون تحت رعاية ملك يموت، أما نحن الأقباط فنعيش تحت حماية ملك لا يموت للأبد..هو الله، وهنا خجل الأمير وانصرف.

وبالتالي فالمطروح هنا في علاقتنا مع التاريخ هي أهمية التعاطي مع التاريخ بشكل يحفظ الأمة ووحدتها، وإبراز هذه الفترات المشرقة كفترات التلاحم بين السنة والشيعة ونقدمها للأجيال كفترات مشرقة ونغض الطرف عن فترات أخرى، كأداة في اتجاه المستقبل لابد أن نسقط منها ما يعوق مستقبلنا. أن يتم النظر في التاريخ بفلسفة وبشكل تحليلي، ثم نسأل أنفسنا بناء علىهذا المعطى هل علينا أن نرث التاريخ أم نقطع مع التاريخ، أم نختار من التاريخ؟


عرض مقالات ذات صلة
Load More By ياسر الغرباوي
Load More In المحاضرات والندوات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

بامكانك الاطلاع على

لقاء مع المفكر المصري الباحث والمهتم بقضايا بناء السلام والمصالحة المجتمعية

يحاوره د.عبد الله مشنون  يُعد الأستاذ ياسر الغرباوي أحد المفكرين المصريين البارزين عل…