الرئيسية صدى الأحداث الوصايا المغربية العشر

الوصايا المغربية العشر

1 ثانية
0
0
1,538

ياسر الغرباوي

مصر العربية

كانت أول زيارة لى للمملكة المغربية فى العام الفائت 2014 حيث ذهبت لحضور منتدى إجتماعي يناقش قضايا الهوية والمواطنة،وقد بدأت الإعداد للرحلة باستخراج التأشيرة من مقر السفارة المغربية بالدوحة، وأول ما لفت انتباهي أن المراسيم الرسمية الحكومية المعلقة فى المبني مكتوب أعلاها -سلام تام بوجود مولانا الإمام دام له النصر والتأييد– وهذا كان مُثيراً بالنسبة لى وطرح على عديد الأسئلة عن شكل وطبيعة النظام السياسي فى هذا البلد؟؟ ،وحقيقة الاستقرار والحرية فيه ؟؟،فقلت فى نفسي لاتتعجل غدا تذهب وترى الواقع بنفسك، وتسمع رأى الناس بأُذنك، وتبصر طبيعة الوضع الإجتماعي والإقتصادي بعينك، وقد كان فهبطت فى مطار الدار البيضاء، ومن ثم تنقلت فى جغرافيا المملكة المغربية ومررت بالعديد من المناطق والمدن مثل مكناس، والرباط، وبوزنيقة التى تطل على المحيط الأطلسي الصاخب، ثم توجهت فى رحلة طويلة وممتعة لجنوب المغرب وصولا إلى مدنية كلميم، وتينغير و مدينة أزور، ومرزوكة، والريصاني التابعة لإقليم الراشدية، وجلست مع أهلها الطيبين الضاربين بقوة فى ىسويداء الكرم و فسطاط حسن الضيافة، وتنقلي فى جغرافية المملكة ترافق معه حسن الاستماع والإصغاء للعديد من المثقفين، والقوي السياسية، والشباب من كافة الأطياف، والفئات، والمشارب التاريخية والجغرافية، وقد تمخض حصاد هذه الجولات الجغرافية والثقافية والنقاشية مع الأخوة المغاربة فى العشرة فوائد المعرفية التالية:

أولاً: هناك فجوة معرفية تحجب أبناء المشرق العربي عن فهم سيكولوجية وطبيعة أبناء المملكة المغربية ثقافيا وإجتماعيا وسياسياً.

ثانياً: المغاربة بشكل عام يعرفون عن المشرق العربي أكثر مما يعرف المشارقة عن المغرب خاصة فيما يتعلق بالجانب الثقاقي والإنتاج الفكري،والأيديولوجيات السائدة.

ثالثاً: معظم الأسئلة التى تشغل العرب المشارقة لا تأخذ حيزا وجدانيا، أوفكريا ،أو إجتماعياً عند المغاربة، فقضايا مثل إقامة الدولة الإسلامية،واستعادة الخلافة الراشدة، وتحكيم شرع الله، والقلق على مستقبل الدولة،والصراع بين الجماعات الإسلامية والسلطة وغيرها من الملفات لاتشغل بالهم بالمرة .

رابعاً: علاقة المجتمع المغربي والقوي السياسية والقيادات الثقافية والفكرية مع النظام الملكي القائم بقيادة الملك/ محمد السادس قائمة على التقدير والإحترام والإعتراف بأهمية دور الملكية فى استقرار وتماسك المكونات الإجتماعية المغربية.

خامساً:النظام الملكى المغربي يتسم بالمرونة ولايميل للتصادم ولديه قدرة عالية على الاستيعاب السياسي، وحسن التعاطي مع المستجدات السياسية والإجتماعية، ولذلك تعامل باحتراف مع مطالب الحركات الإحتجاجية فى العام 2011 وسارع بانجاز تغيرات دستورية وقانونية سريعة تتناسب مع مطالب الشارع السياسي .

سادساً: الخطاب الثقافي المغربي يتسم بالتوازن الوجداني والإنفعالي، ومسكون بالنفس الفلسفي التأملي، ومهموم بالبحث عن المآلات، ومتقدم جدا فى فقة المقاصد الإسلامية؛ لانه متحرر من حيز الأيديولوجيات الضيقة الغارقة فى تقديس الوسائل والأدوات وعبادة المقولات التراثية.

سابعاً: مقاربة الكثير من المثقفين المغاربة لقضايا الحكم والسلطة والدولة قائمة على فلسفة أن النظام السياسي له مقاصد كبري وأغراض عظمى إذا حققها للمجتمع وللناس فلا يهمهم شكله الإجرائي وطبيعتة السياسية؛ فهم يرون أن النظام السياسي مهمته أن يحقق هذه الثلاثية المركزية ( الاستقرار،والتوزان، والتنمية) وهذا ما بدأ يتجسد بشكل كبير فى عهد الملك الحالي محمد السادس.

ثامناً: الجسم الأبرز فى الحركة الإسلامية المغربية وخاصة جماعة التوحيد والإصلاح، وحزب التنمية والعدالة الحاكم خطابهم السياسي والدعوى واضح ومنحاز للنظام الملكي، وقد قطعوا شوطا كبيراً فى التمييز بين الدعوي والسياسي ولم يخوضوا معارك صفرية مع الدولة، وهذا ساهم بدرجة كبيرة فى استقرار المجتمع، والفريق الإسلامي الأخر الذى ينادي بنظام جمهوري – جماعة العدل والإحسان- لم تتورط فى أعمال عنف تهدد استقرار وسلامة المملكة وإنما تعمل بسياسة التراكم والانتظار وأنشتطها متاحة للشعب ومفتوحة للمجتمع .

تاسعاً: المرأة المغربية تساهم بقوة فى الحياة السياسية على مستوى الحضور والتمثيل السياسي والمشاركة الحزبية وخاصة فى الأحزاب ذات المرجيعة الإسلامية،ولها نصيب وافر على مستوي الانتاج الفكري والثقافي وخاصة فى شمال المغرب وهذا بطبيعة الحال عكس الحالة العربية المشرقية،، وأما فى جنوب المغرب فقد وجدت أن مساهمة المرآة المغربية فى الحياة الإجتماعية متقدم جدا ومدى انفتاحها على أنشطة المجتمع يعد كبيراً جداً.

عاشراً: الحالة العربية المشرقية بحاجة ماسة للتواصل المعرفي والثقافي والإجتماعي مع دول المغرب العربي للاستفادة من التجربة المغربية فى الاصلاح السياسي الذى بدأ يتحرك للإمام بدرجة معقولة ومنفتحة على المستقبل وبكلفة سياسية وإجتماعية وإقتصادية خفيفة الوطئة على المجتمع والنظام حتى الأن.

فى الختام كانت تلك عشرة فوائد كاملة خرجت بها من زيارتي الأولى للمملكة المغربية والتى جعلتنى أميل بدرجة كبيرة نحو تعميق النظر الفلسفى والمقاصدي للأشياء بعيدا عن الانجذاب السريع للشعارات والمسميات التى أحيانا ما تحجب الرؤية وتمنع من الاعتبار والإستفادة من تجارب الأخرين.

عرض مقالات ذات صلة
Load More By ياسر الغرباوي
Load More In صدى الأحداث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

بامكانك الاطلاع على

لقاء مع المفكر المصري الباحث والمهتم بقضايا بناء السلام والمصالحة المجتمعية

يحاوره د.عبد الله مشنون  يُعد الأستاذ ياسر الغرباوي أحد المفكرين المصريين البارزين عل…