الرئيسية تقارير ومقالات تشييع المسيحيين؟؟

تشييع المسيحيين؟؟

0 ثانية
1
0
1,648

ياسر الغرباوي*

النزاع السني الشيعي ضارب بجذوره في سويداء التاريخ الإسلامي – تنظيراً وجدلاً وقتالاً- وحاضراً في ذات الوقت بقوة في المشهد الاجتماعي والسياسي الإسلامي والعربي المعاصر، وذلك من خلال ما

يقع من أحداث طائفية دامية في العراق وباكستان والبحرين وغيرها من البلدان التي ُيشكل فيها الشيعة جزءً من النسيج الاجتماعي؛ وهذا ُيؤشر على مدي الفشل الواضح الذي وقعت فيه الأغلبية السنية والأقلية الشيعية  من حيث سوء إدارتها لملف التنوع والاختلاف، وعدم استثمارهما للتنوع الثقافي والفقهي بينهما في تقديم تجربة إنسانية راقية في التعايش تكون ملهمة للأمم والشعوب؛ فالخيط الناظم للعلاقة السنية الشيعية في العالم العربي يتصف غالباً بالتوتر والاضطراب والترقب وعدم الثقة،وإن كانت هناك شواهد تاريخية إيجابية تبرهن علي إمكانية التعايش والتعاون خصوصاً عندما تصدوا معاً للحملات الصليبية علي العالم العربي .

 ولكن  الإخفاق المتواصل عبر العصور في ضبط العلاقة بين الشيعة والسنة  كون للأسف في عقول الأجيال من الطرفين ذاكرة تاريخية موتورة ومشوشة لا تري في الأخر المختلف مذهبياً إلا شيطاناً رجيماً يجب إقصائه والقضاء عليه، ثم يأتي تتابع الوقائع الطائفية بينهم فيغذي هذه الذاكرة ويجعل منها واقعا معاشاً يمشي بين الطرفين بالعداء والاستعلاء، ومن ثم أصبح للفتنة لغة دينية تؤصل لها وتدعو إليها، فكثير من الشيعة يرون أن السنة الحاليين ما هم إلا أحفاد يزيد بن معاوية قاتل سيدنا الحسين رضي الله عنه!!، وكثير من السنة كذلك يرون أن كل الشيعة قديما وحديثاً ما هم إلا أحفاد بن العلمقي الذي ساهم في إسقاط الخلافة العباسية أمام التتار!! وفي نهاية المطاف نتيجة الشحن التاريخي الدائم والمظالم المعاصرة أصبح المرض الطائفي عضالاً بين الشيعة والسنة ويحتاج إلي جهود كبيرة ونوايا صادقة وأدوات جديدة مبتكرة من أجل بناء قيم القسط والكرامة الإنسانية والعدالة بينهم علي أساس المواطنة، ووفق عقد اجتماعي جديد في دولهم القطرية .

ومن خلال ما تقدم ندرك أن تأجيل وترحيل حل النزاعات الطائفية والثقافية في المجتمعات والتعامل معها بإستراتيجية المسكنات المؤقتة يزيد من صعوبة التعافي منها ويؤثر سلباً علي  استقرار المجتمعات في المستقبل القريب والبعيد،وحتى لا ُنكرر الفشل الواقع في إدارة  الملف الشيعي / السني ونفتح علي أنفسنا جهة طائفية جديدة وتحديداً في مصر لابد من سرعة الحسم في تطويق ما يُعرف بالملف المسيحي المصري عبر كل الإستراتيجيات الممكنة طويلة المدي وقصيرة المدي،الرسمية، والشعبية، والفكرية، والوجدانية القائمة علي تحقيق المساواة وتطبيق العدالة علي الجميع، خصوصاً وأن الخيط الناظم في العلاقة بين مكونات الجماعة الوطنية المصرية المسحيين والمسلمين تاريخياً يتصف بالاستقرار والتآلف والتعايش والوحدة علي عكس طبيعة الخيط الناظم للعلاقة السنية / الشيعية.

 ولكن التصدي للأحداث التي تبدو طائفية بين طرفي الأمة المصرية من خلال تكنيك دفن الرؤوس في الرمال والقول بأنه لا يوجد تحدي يستحق الحل والدراسة،أو التعامل مع هذه الأحداث بالحلول الاحتفالية الرمزية عبر سرادقات العزاء ومجالس الحل العرفي، والأغاني الوطنية دون الغوص خلف الجذور الحقيقية للفتنة في الساحة المصرية من خلال مراقبة الخطاب الكنسي والمسجدي والمناهج التعليمية، والتشريعات القانونية، والأداء الإعلامي، وفتح فضاءات الحوار المباشر بين كل المصريين علي اختلاف أديانهم وألوانهم ومذاهبهم ولغاتهم دون تخوين لرأي أو توهين لمذهب أوقدح في عقيدة، فبدون ذلك لن نستطيع قطع الطريق فعلياً علي صناع الفتنة في الساحة المصرية.

  وبناءً علي ما تقدم ينبغي علينا جميعاً كمصريين الإسراع في معالجة قضايا المواطنة وما يتعلق بها من واجبات وحقوق حتي نستطيع أن نتجاوز أمراض الفتنة القاتلة ونقضي علي  فيروساتها الخبيثة قبل أن  تستوطن في النسيج الاجتماعي المصري وتصبح لها وقائع ملموسة تستخدم في بناء ذاكرة تاريخية  مشوشة في عقول الأجيال المصرية الناشئة، وربما ُتنتج تعصباً طائفيا لا يقل عنفاً وأنصاراً عن خطاب دعاة الفتنة بين السنة والشيعة نحن في غني عنه.

ـــــــــــــ

* باحث جيواستراتيجي

عرض مقالات ذات صلة
Load More By ياسر الغرباوي
Load More In تقارير ومقالات

تعليق واحد

  1. محمد إبراهيم

    31 مارس, 2013 at 11:28 صباحًا

    التحليل سطحي جداً.. لدرجة تشويه الواقع

    رد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

بامكانك الاطلاع على

لقاء مع المفكر المصري الباحث والمهتم بقضايا بناء السلام والمصالحة المجتمعية

يحاوره د.عبد الله مشنون  يُعد الأستاذ ياسر الغرباوي أحد المفكرين المصريين البارزين عل…