تجربة جواتيمالا فى الوصول إلى العدالة والاعتراف الثقافى

عانى سكان جواتيمالا الأصليون الأمرين من قهر واستبعاد طيلة ما يزيد عن 500 سنة، منذ وصول الغزاة الأسبان، وكان النزاع الداخلي المسلح الذي استمر من عام 1960م حتى توقيع اتفاقيات السلام في عام 1996م مدمرًا إلى حد بعيد، حيث تعرض السكان الأصليون الذين يشكلون أكثر من نصف الشعب لمذابح وانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، وقوض النظام العسكري الديكتاتوري -الذي دام من عام (1970 إلى عام 1985م) ـ استقلالية سلطات المجتمعات المحلية.

فليس من المستغرب إذن أن تفقد المجتمعات الريفية ثقتها بالنظام القضائي وحكم القانون، فقد صارت الإعدامات الغوغائية العلنية من دون محاكمة البديل عن نظام العدالة الرسمي، والمشهور بعدم قدرته على إصدار أحكام على مرتكبي الجرائم، وبنزعته إلى الإفراج عن المجرمين باستخدام تقاليد فاسدة في نظام الكفالات، وتشبه المؤسسة السياسية حقيقة الإعدامات غير القانونية عبر وصفها تهكما بأنها ممارسات تقليدية للسكان الأصليين.

أقرت اتفاقيات عام 1996م بالحاجة إلى إصلاح حقيقي مع التزامات الاعتراف بالقانون التقليدي لشعب المايا وسلطته مثلاً، تقول الاتفاقية الخاصة بهوية السكان الأصليين وحقوقهم: «إن قلة معرفة الهيئة التشريعية الوطنية بالمعايير التقليدية التي تنظم حياة مجتمع السكان الأصليين، وكذلك افتقار السكان الأصليين إلى فروض الوصول إلى موارد نظام العدالة الوطني ـ سبب الحرمان من الحقوق، والتمييز والتهميش». 

اتفقت الحكومة والمعارضة على: 

·  الاعتراف بإدارة الشئون الداخلية لجماعات السكان الأصليين، بناءً على معايير العدالة الخاصة بها. 

·  جعل الاعتبارات الثقافية جزءًا من تطبيق القانون.

·  تطوير برنامج دائم لتعريف القضاة وأعضاء وزارة الشئون العامة بثقافة السكان الأصليين وهويتهم.

·  تأمين خدمات مجانية لترجمة المجريات القضائية لذوي الموارد المحدودة.

· تقديم خدمات مجانية لترجمة المجريات القضائية إلى لغات السكان الأصليين.

تشكل هذه التطورات خطوات أولى في مسيرة الاعتراف بالثقافات المتمايزة للسكان الأصليين في جواتيمالا، والتحدي الماثل الآن هو تطوير أنظمة الأعراف بطريقة تتوافق مع حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين

طباعة