الرئيسية صدى الأحداث  5 خرافات لن تمنع الحرب الأهلية فى مصر

 5 خرافات لن تمنع الحرب الأهلية فى مصر

0 ثانية
0
0
1,481

الحرب الأهلية هي شرخ فى التماسك والتضامن الاجتماعي أو تبديد للسِّلْم الاجتماعي؛ حتى يصبح الجميع أعداءً، فيفقد الإنسان زمام ذاته ويصبح معها في حالة غير طبيعية ولا يدري ما يفعله؛ وينخرط في عنف جماعي أعمى، فالحرب الأهلية هى حالة من الهرج والمرج والعنف الجماعي بين مكونات المجتمع الواحد.

الواقع المصري

فى ضوء التعريف السابق للحرب الأهلية نُدرك أن مصر باتت تتوفر فيها مؤشرات قوية على حدوث حرب أهلية خاصة بعد يوم 30 /6/2013 وما تبعه من أحداث سياسية مفصلية عميقة؛ فأطراف الصراع السياسي المُنخرطة فى النزاع وصلت لمرحلة كبيرة من الكراهية والعداء والتحريض ضد بعضها البعض؛ فالمراقب للإعلام المصري سواء المنطلق من داخل مدنية الإنتاج الإعلامي فى مصر أو الذى يبث من تركيا سيجد التحريض المتبادل بالقتل والثأر من الطرف الأخر عبر استخدام طريقة النداء العام للجماهير، وقد بلغ التحريض منحدراً خطيراً متمثلاً فى استخدام الخطاب الديني الذى يُسوغ القتل على لسان رموز دينية مشهورة ولها رصيد شعبى مُعتبر ،ويُضاف إلى ذلك ممارسات أجهزة الدولة الأمنية للتعذيب المُمنهج والقتل المباشر فى الشوراع دون التقيد بالقانون والدستور، وفى المقابل نجد العمليات الإرهابية الدامية التى تستهدف أفراد الجيش والشرطة فى شبة جزيرة سيناء والتى أوقعت العديد من القتلى والجرحي، فالصراع السياسي القائم الأن أصبح له أثار إجتماعية غائرة وصلت لمستوي العداء بين أفراد الأسرة الواحدة والشارع الواحد والقرية الواحدة !!!

الخرافات الخمس

ولكن البعض يستبعد وقوع سيناريو الحرب الأهلية فى مصر مستنداً إلى خمس خرافات شائعة يظن أنها ستقف حجر عثرة أمام إنزلاق مصر فى حرب أهلية طاحنة وهى فى الحقيقة أسباب واهية لاتغنى ولا تسمن من جوع إذا قرر المجتمع المصري السقوط فى مستنقع الاحتراب الأهلى وفيما يلى عرض لهذه الخرافات الخمس

أولاً: المجتمع الدولى والنظام العالمى لن يسمح بحدوث الفوضي فى مصر

يعرف الجميع أن المجتمع العالمى والقوى الدولية قدراتها ليست مطلقة ومصالحها ليست متقاطعة وبينها صراع جيواستراتيجي كبير وتداخلها لضبط الأمن والاستقرار داخل الدول والمجتمعات يكاد يكون معدوما فها نحن نشاهد المذابح والقتل المُمنهج فى سوريا وقد تجاوز عدد ضحايا الحرب الأهلية هناك زهاء 300 ألف قتيل والعالم يقف متفرجا على المشهد، وكذلك لمس الجميع ضعف قدرات المجتمع الدولى فى منع الحرب الأهلية فى رواندا والتى راح ضحيتها 800 ألف مواطن رواندي من قبيلة التوتسي، وكذلك الإبادة الجماعية فى البوسنة والهرسك شاهدة على تأخر التدخل الدولى فى صد ومنع الصرب من إبادة المسلمين فى جمهورية البوسنة.

ثانياً: أهمية موقع مصر الاستراتيجي سيجعل العالم حريص على أمن مصر

هناك دول لها أهمية جيواستراتيجية كبيرة فى الصراع العالمى على النفوذ والطاقة ورغم ذلك تركها العالم أو بالأحري لم يستطع منع انزلاقها فى حرب أهلية دامية والنموذج الأوكرانى ماثل للعيان فعلى الرغم من أهمية جمهورية أوكرانيا لكل من الاتحاد الأوربي وأمريكا من ناحية وحاجة المشروع الروسي الماسة لها كمنفذ بحري وحيد للأسطول الروسي إلا أنها تعانى الأن من انفصال أجزاء كبيرة منها فى شرق البلاد ومن تفجر صراع عسكري كبير بين جبهاتها الجغرافية

ثالثاً: التاريخ المصري القديم والمعاصر لم يشهد حروب أهلية

فعلا هذه حقيقة تاريخية صائبة توضح أن الوحدة والإستقرار والتماسك أحد أهم أبرز سمات القوة للمجتمع والدولة المصرية على مدار تاريخها البعيد والقريب ولكن هذا لا يعد ضمانة كافية لطرد شبح الحرب الأهلية خاصة وسط أجواء الشحن الإعلامي والدينى والإجتماعي المتبادل بين كل الأطراف والمكونات عبر المحطات الفضائية والصحف؛ فماليزيا وقعت فى فخ الحرب الأهلية فى الستينيات رغم أن تاريخها القديم كان قائما على التسامح والتواصل بين جميع المكونات الإجتماعية المحلية.

رابعاً: الطبيعة السيكولوجية للشعب المصري المتسامح لن تسمح بالحرب الأهلية

يعرف الجميع أن تغيير السيكولوجية النفسية للشعوب أمر خاضع للظروف والأحداث السياسية والإجتماعية المختلفة وفتحول فئة من الشعب من التعصب إلى التسامح والعكس يخضع لظروف البيئة الإجتماعية والإعلامية والسياسية الحاضنة ؛فالشعب اللبناني معروف بانفتاحه وتواصله وحبه للحياة والمرح والفن ولكن عندما تم شحن فئات ومكونات الشعب اللبنانى ضد بعضه البعض ومع توفر بيئة سياسية مشجعة على التعصب والتحريض والكراهية سقط لبنان فى أتون الحرب الأهلية التى استمرت 16 عاماً (1975- 1990) وراح ضحيتها حسب بعض الإحصاءات 150,000 إضافةً إلى مليون لاجئ وما يقارب 200,000 مصاب ومعاق

خامساً: مصر بها مؤسسات قوية وعريقة ستمنع المصريين من الاقتتال الداخلي

صحيح أن مصر بها مؤسسات قديمة وعريقة تحظى بتقدير واحترام قطاع عريض من المصريين وخاصة المؤسسة العسكرية والقضاء ولكن الجميع يلاحظ الأن أن هذه المؤسسات أصبحت على المحك وفقدت كثير من صورتها الذهنية الناصعة فى عقول ووجدان كثير من المصريين وخاصة الشباب الذين وقع منهم ضحايا كُثر برصاص الجيش والشرطة، ويُضاف لذلك مؤسسة القضاء التى أصبح العديد من أعضاءها منخرط فى الصراع السياسي بشكل سافر. كل ماسبق يهدد بقوة تماسك وقوة هذه المؤسسات المركزية للدولة وربما يحولها لطرف فى الصراع ولايجعلها مؤسسات كابحة للتحريض ونشر الكراهية بين المصريين.

فى الختام بدون تلاحم المصريين ووقف التحريض ونشر الكراهية بين المصريين وتحقيق العدالة الناجزة وتطبيق سيادة القانون وإعمال الدستور وخضوع الجميع للمسائلة والاستجواب وسعى جميع أطراف الصراع للبحث عن مخرج سياسي للأزمة المصرية يصبح التعويل على الأخرين والمجتمع الدولى والتاريخ فى وقف سيناريو الحرب الأهلية ضرباً من الأمانى والأوهام.

عرض مقالات ذات صلة
Load More By ياسر الغرباوي
Load More In صدى الأحداث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

بامكانك الاطلاع على

لقاء مع المفكر المصري الباحث والمهتم بقضايا بناء السلام والمصالحة المجتمعية

يحاوره د.عبد الله مشنون  يُعد الأستاذ ياسر الغرباوي أحد المفكرين المصريين البارزين عل…