الرئيسية صدى الأحداث مقابلة :مهاتير محمد: لسنا مأمورين بإقامة الدولة الإسلامية

مقابلة :مهاتير محمد: لسنا مأمورين بإقامة الدولة الإسلامية

0 ثانية
0
0
1,849

كوالالمبور – ياسر الغرباوي
11 ديسمبر 2014

العربي الجديد
صاحب تجربة واقعية نجحت في تحقيق النهوض والتقدم لبلاده وشبابها، مفكر على مشارف العقد التاسع من عمره، لديه رؤية فكرية عميقة، واطلاع على تاريخ وواقع البلدان الإسلامية والمنطقة العربية وشعوبها. التي لاقى ثوراتها بترحاب وبسمة المنتظر المترقب.
الطبيب الذي تطوع لعلاج كثيرين من فقراء بلاده، مهاتير محمد، والذي عبر عن عدم رضا شعبه، الماليزي، وعدم اعترافه بالمزاعم الصهيونية وبانتهاك حقوق الفلسطينيين. يقول عن مسيرته بتجاوز عقد الانقسام والإفقار في ماليزيا: “بلدنا يعتبر لوحة متنوعة، يحوي كل الأمم والأعراق والديانات والجماعات في آسيا تقريباً، يمكننا تسميته آسيا المصغرة، وهذا التنوع في الأعراق والمعتقدات شكل تحديات جسيمة للمجتمع الماليزي، فقد شهدنا عام 1969 أعمال شغب واشتباكات عنيفة وخطيرة في العاصمة كوالالمبور، بين أبناء مكون الملايو والصينيين، وكذلك مثل لنا التنوع تحديات اقتصادية جسيمة، فالمستوى المعيشي للملايو، إذا ما قورن بغيرهم من سكان البلاد من العرقيات الأخرى (الصينيين على وجه التحديد) كان منخفضاً جدّاً آنذاك، بل يمكن القول، إنه لا يقارن. ولكن بعد فترة من التنازع والشقاق، قررنا نحن الماليزيين العيش معاً، والنهوض بالوطن جميعاً، يداً واحدة وفريقاً واحداً، دون إقصاء أو تمييز لمصلحة عرق دون الآخر، أو تفضيل دين ومعتقد دون غيره من الأديان”.
وبقياس الحال، أو محاولة وضع سيرة الانقسام العرقي والطائفي في ماليزيا أمام ما يشهده أكثر من قطر عربي اليوم، يضيف “الاضطرابات والقلاقل لم تمكنا من أن نضع لبنة فوق أختها على أرض الوطن، فالتنمية في المجتمعات لا تتم إلا إذا حل الأمن والسلام، وكان لزاماً علينا الدخول في حوار مفتوح مع كل المكونات الوطنية دون استثناء لأحد والاتفاق على تقديم تنازلات متبادلة من الجميع لكي نتمكن من توطين الاستقرار والتنمية، وقد نجحنا في ذلك من خلال تبني خطة 2020 لبناء ماليزيا الجديدة، وتحركنا قدماً في تحويل ماليزيا من بلد زراعي إلى بلد متقدم صناعيّاً قادر على المنافسة في السوق العالمية، وهذا ربما ما يمكن أن يكون مفيداً للإخوة في البلدان التي تعاني انقسامات طائفية هذه الأيام”.
وعن علاقة المجتمع بالتشريع الديني، وسؤال دينية الدولة من علمانيتها، وشعار الدولة الإسلامية،أجاب د/ مهاتير: لايمكن الحديث عن إقامة دولة مسلمة ما لم يكن عندك مجتمع مسلم متماسك ينعم بقيم التراحم، والتواصل، فالمجتمع المسلم هو ما تحدث عنه القرآن باستفاضة كبيرة، فالقرآن يدعوا إلى إقامة مجتمع اسلامي لا الى إقامة دولة اسلامية؛فالمجتمع هو المكان المباشر لتطبيق قيم الإسلام الكبرى وكل مسلم مطلوب منه ومفروض عليه أن يسعى لإقامة هذا المجتمع على قدر السعة والإمكان ،فالمسلم يجب أن يكون صادقاً فى سلوكه،وعادلاً فى معاملاته مع المسلمين و غير المسلمين،ومطلوب منه احترام الأخرين والرحمة بهم فى ظل أى نظام سياسي كان،ونحن فى ماليزيا نعتقد أن قيام المجتمع المسلم المتناغم والمُستقر وهو الفريضة الرئيسة علينا واللبنة الأولى فى تقدم ونهضة ماليزيا.
وعن النظام الرأسمالي في السياق الماليزي وقياسه على سياق الرأسمالية العالمية، يرى مهاتير محمد “أن النظام الرأسمالي حقق لماليزيا تقدماً وساعدها في مسار التنمية وبناء الدولة الحديثة، وهذا من خلال جذب الاستثمارات وبناء المصانع وتشجيع التصدير، فقد نجحنا في خفض مستوى الفقر والبطالة، ولكن بطبيعة الحال لا يخلو أي نظام اقتصادي من العيوب والأخطاء والثغرات، ففكرة أن السوق تنظم نفسها بنفسها كلام غير صحيح وغير دقيق، فالسوق تحتاج إلى من يضبطها ويحدد لها المعايير، وقد تأكد هذا للجميع في الأزمة المالية الأخيرة التي مر بها العالم نتيجة الاستثمار بشكل غير شفاف، وغير خاضع للمعايير السليمة في القطاع العقاري. ونحن في ماليزيا تدخلنا لوضع ضوابط ومعايير صارمة للسوق وحركة الأموال عندما تعرضت العملة الماليزية للمضاربة، ومحاولة إضعافها بهدف التأثير على حركة النمو والتنمية، وبالتالي النظام الرأسمالي جيد، ولكن المشكلة تكمن في جشع العديد من رجال الأعمال والمستثمرين الذين يجب محاربة نهمهم وجشعهم الكبيرمن خلال وضع معايير واضحة للحوكمة والمراقبة المالية الدائمة، وقد قدمت ماليزيا نموذجاً متقدماً في ذلك الإطار عندما خالفنا توجهات وإملاءات البنك الدولي وتوصياته بعدم التدخل لضبط الأمور”.
ويضيف في هذا الإطار”إن الرأسمالية في الغرب فهمها مختلف عما هو لدينا، فقد رأينا سوء الإدارة الرأسمالية وما سببه للبلدان الشقيقة، مثل العراق الذي احتل وابتلي بنظام طائفي بعد الاحتلال، وفلسطين التي طال عمر الاحتلال فيها بسبب تلاقي المصالح”.
ومن المحاور التي لا بد من حضورها عند الحديث عن السياسة والحكم في بلد إسلامي، قضية الحدود الواردة في الشريعة الإسلامية، وتطبيقها من عدمه، “نحن في مجتمع متنوع ومتعدد الأعراق والأديان، أغلبية سكانه مسلمون ومتمسكون بتعاليم الإسلام، والحكومة جزء من هذا الشعب والحكومة ليست ضد تطبيق القانون الإسلامي والشريعة الإسلامية، ولكننا ضد تفسير البعض لأحكام وقوانين الشريعة الإسلامية بشكل متعسف، فالبعض يقصر الشريعة في الحدود فقط، وهذا خلل كبير، وينتقص من قيمة العدالة والمساواة التى تعد من مقاصد الشريعة الإسلامية الكريمة، فالمسألة فيها نقاش وتحتاج إلى ضبط ودقة في المصطلحات والمفاهيم، فتنزيل أحكام الشريعة الإسلامية في مجتمع متعدد الأعراق والأديان يحتاج إلى وعي كبير وواضح يزيل أي شكوك ومخاوف عند المواطنين جميعاً، فالبعض مثلاً يعتبر المرأة التي تعرضت للاغتصاب وتقدمت بشكوى ضد هؤلاء المعتدين عليها، ولم تأت بالشهود، مذنبة، وتستحق العقاب لأنها وقعت حسب فهمهم لأحكام الشريعة في “جريمة قذف” لهؤلاء المعتدين بالباطل، وهذا عندي أمر لا يحقق العدالة التي هي مقصد من مقاصد الشريعة الغراء”.
وعن تحدي الهوية وصياغتها والحفاظ عليها ضمن مجتمع متعدد الأعراق والأديان “نحن كمسلمين في ماليزيا فخورون بالدين الإسلامي ونعتز بالهوية الإسلامية، فالدستور الماليزي ينص على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي، ويحافظ في الوقت ذاته على حرية المعتقد لجميع المواطنين، ولكننا نحتنا هويتنا الإسلامية في إطار الثقافية الماليزية والبيئة الآسيوية، والقرآن الكريم كتاب خالد ونزل باللغة العربية، ولكننا نفهمه من خلال ترجمة معانيه ومقاصده للغة المحلية الماليزية، وقد قمنا بجهد في هذا الإطار، لأن فهم القرآن باللغة العربية فيه صعوبة بالغة لشعب لا ينطق العربية، ولذلك جهود الترجمة مهمة ومفيدة من أجل تمكننا من صياغة الهوية الإسلامية الماليزية في ضوء التعاليم والثوابت الإسلامية، ثم إن الهوية الإسلامية والالتزام بها ليس بينها وبين العلم والتقدم والتنمية تضاد وشقاق، فالإسلام يشجع على العلم ويدعو إلى العمل ويحض على السلام والمحبة وحسن التعايش مع الجميع، وهذا ما قمنا به في ماليزيا، حاربنا الفقر والجهل والتخلف، وأصبحت هويتنا أكثر جمالاً وأقوى من ذي قبل بكثير”.

عرض مقالات ذات صلة
Load More By ياسر الغرباوي
Load More In صدى الأحداث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

بامكانك الاطلاع على

لقاء مع المفكر المصري الباحث والمهتم بقضايا بناء السلام والمصالحة المجتمعية

يحاوره د.عبد الله مشنون  يُعد الأستاذ ياسر الغرباوي أحد المفكرين المصريين البارزين عل…