الرئيسية تقارير ومقالات كيف تتعافي مصر من داء الفتنة؟؟

كيف تتعافي مصر من داء الفتنة؟؟

0 ثانية
1
0
1,683

ياسر الغرباوي*

المظاهر الحضارية الرائعة التى أبدها الشعب المصري العظيم  في أجواء ثورة اللوتس المصرية والتي كان  من أبرزها التلاحم والتساند  بين المسلمين والمسيحيين  طرفي الجماعة الوطنية  كشف عن مكامن القوة في الشخصية المصرية

الهلال والصليب رمز الوحدة
الهلال والصليب رمز الوحدة

المعاصرة  ومدي عمقها ووعيها الحضاري، وهذه المظاهر الحضارية  كان لها الأثر  البالغ في رسم صورة ذهنية ممتازة في أذهان العالم  عن مدى تسامح الشعب المصري  وظهر ذلك  فى تصريحات العديد من زعماء ومفكري العالم خصوصا  في العالم الغربي الذي شاهد شعباً تتجلي فيه قيم التسامح والتعايش في أسمي صورها وحالاتها علي الرغم الأحداث الدامية التي يمر بها  .

العلاج الاحتفالي

هذه المظاهر الحضارية الثورية جعلت الكثيرين يستردون الثقة في قدرة الشعب المصري علي تجاوز الأزمات المجتمعية التي مرت به قبل الثورة مثل  حالات الاحتقان الطائفي والتحرش الجنسي وغيرها من المشاهد السلبية التي غلفت مرحلة ما قبل ثورة 25 يناير، و كشفت عن ممكنات المجتمع المصري التي تؤهله لتجاوز الأزمات و والأدواء الاجتماعية التى يعاني منها .

ولكن البعض بالغ في الاحتفاء بهذه المظاهر الحضارية التي تجلت في ساعة الثورة وأيامها الثامنة عشر وأعتبرها كافية لأن يتخلص المجتمع المصري من أدواءه  القاتلة، واعتبر أن ذهاب الاستبداد الذي كان متجسداً في النظام الحاكم  يعني في ذات الوقت القضاء علي التحديات التي تهدد وحدة الجماعة الوطنية وأُعتقد هذا الفريق أن مظاهر الوحدة الوطنية التي تجلت في ميدان التحرير هي البلسم الشافي الكافي للقضاء علي داء الفتنة بين المسلمين والمسيحيين  .

الداء يضرب من جديد

ولكن ما وقع في  من أحداث طائفية عقب نجاح الثورة  مثل حادث  إحراق وهدم كنسية الشهيدين بمركز أطفيح كشف للجميع  أن بناء المجتمع القوي المتساند الخالي من الأفكار الفتنوية والانقسامية يحتاج إلي جهود متواصلة آناء الليل وأطراف النهار من أجل استئصال  الحشائش الضارة في العقل الجمعي  والحيلوية دون تجسدها علي شكل أفعال كراهية وتعصب في الواقع  تنسف نتائج الثورة وتذهب بدماء شهدائها سدي وتدخل البلد في مرحلة صراعات طائفية مدمرة .

البلسم الشافي:

وبحكم مركزية قضية الوحدة الوطنية المصرية وأهميتها ينبغي للمهتمين بها أن يشتغلوا علي عده مستويات إستراتيجية  متنوعة تتركز في مسارين هما  :

المسار الأول : بعيد الأمد : ويتم فيه إنشاء مراكز دراسات وتفكير مهمتها الرئيسة هي الإجابة عن سؤال كيف نحافظ علي وحدة الجماعة الوطنية المصرية؟؟ من خلال التعمق في  الدراسات التاريخية والجغرافية والسياسية والدينية  وغيرها من المجالات الأكاديمية التي تساعدنا في صياغة استجابات خلاقة و حقيقة لتحدي الانقسام والفرقة ويكون من مهام هذه المراكز أيضاً  وضع الخطط العشرية التي تهدف إلي أمرين هما:

1– محاربة منابع ومظاهر الأفكار الانقسامية في شتي مناحي الحياة المصرية وحواضنها المختلفة سواء كانت الإعلامية والتربوية وخصوصا  الدينية من زاوية رصد الخطاب الديني في السائد الكنائس والمساجد والفضائيات المصرية  ومحاولة تصوبيه نحو دعم قيم التسامح والتعاون والتعايش

2- : هو وضع خطط ثقافية لنشر قيم الوحدة والعيش المشترك في الأجيال الصاعدة عبر المناهج التعليمية والبرامج الثقافية ووسائل الفن المختلفة من مسرح وسينما وتليفزيون .

المسار الثاني : قريب الأمد :  يتمثل  فى إنشاء فرق إطفاء سريعة الحركة تكون مهماتها الرئيسة إطفاء  الحرائق الطائفية التي تشتعل في بعض بقاع الجسد المصري  ومحاصرتها ومنع امتداتها إلي مناطق أخري و تُشكل هذه الفرق من أطياف المجتمع المصري المختلفة ويكون فيها   لجان  تقصي حقائق ، و سفراء للنوايا الحسنة من الدعاة العقلاء من كل الأطراف، ووجهاء المجتمع، وكل من له تأثير علي العقل الجمعي المصري  و الهدف من هذه الفرق هو توفير حاضنة اجتماعية مدنية تسهر علي ملف معالجة الحرائق الطائفية

وعبر هذين المسارين طويل الأمد وقريب الأمد  يمكننا  بدرجة من الدرجات   تأمين المستقبل المصري  من عواصف الفتن الطائفية التي تسعي الأطراف الخارجية لزرعها ونشرها في الجسد المصري  من أجل إجهاض  حلم مصر القادرة والمستقلة والحرة.

______________

* مؤسس مركز التنوع

عرض مقالات ذات صلة
Load More By ياسر الغرباوي
Load More In تقارير ومقالات

تعليق واحد

  1. سعد بحار

    15 مارس, 2011 at 6:48 صباحًا

    انها افكار جيده حقا.. شكرا استاذ ياسر

    رد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

بامكانك الاطلاع على

لقاء مع المفكر المصري الباحث والمهتم بقضايا بناء السلام والمصالحة المجتمعية

يحاوره د.عبد الله مشنون  يُعد الأستاذ ياسر الغرباوي أحد المفكرين المصريين البارزين عل…