قراءة في “كتاب دارفور خلق جديد ، تجربة حية في بناء السلام “

د/ محمد غانم المعاضيد

بعد انتهائي من قراءة الفصول الثلاثة لهذا الكتاب الرائع، والشيق أيضا، شعُرت بثقل المسؤولية الأخلاقية والإنسانية المُلقاة على عاتقنا في مؤسسات العمل الإنساني،إذ اشتمل الكتاب على العديد من  القصص الميدانية المؤثِّرة  التي تكشف أن المشاريع الإغاثية إذا نُفِّذت بشكل جيد في المجتمعات التي خرجت توا من نزاع أو حرب يمكنها أن تحول حياة المتضررين من الشقاء والألم إلى السعادة والاستقرار، ومن التوتر والخوف إلى الطمأنينة والأمن.

فبعد أن يخمد صراع أو حرب ما، نحتاج بعدها لجهد كبير لتأهيل البشر المتنازعين لأن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية، وأن نوفر لهم حياة أفضل تجتز أسباب الصراع من جذورها حتى لا تعود الأخيرة لتنفجر  مرة أخرى.

والحق إن ريادة هذه التجربة للباحث ياسر الغرباوي تنبع من أسباب عديدة، تجعلها تستحق أن توثق ليستفاد منها، إنها نموذج لتكامل مؤسسات المجتمع المدني المتمثلة في مركز التنوع لفض النزاعات والهلال الأحمر القطري،ثم هي تجربة حية واقعية عاشها الكاتب من بدايتها إلى أن اكتمل نضجها، واستطاع أن يسطر تفاصيلها وأحداثها، من خلال حكاياته الواقعية التي خطها تحت عناوينه الجذابة.،لم يكتف الكاتب بهذا بل قام بتقييم التجربة تقييما شاملا أوضح فيها نقاط القوة ونقاط الضعف، والمقترحات التي قدمها للقائمين على التجربة وغيرها من التجارب المماثلة. ولقد وجدت في الكتاب من الشواهد والوقائع ما يُثبت إمكانية انتصار الإنسان على الكراهية والتعصب والشقاق حينما نتعاون جميعًا من أجل خدمة الإنسانية وسيادة السلام بين البشر.

نجح الكاتب من خلال تجربته الميدانية في قرية أرارا، وما أورده في كتابه “دارفور خلقٌ جديد.. تجربة حية في بناء السلام” من زيادة قناعتنا بحتمية تعميق وتسريع التعاون بين كل المهتمين بنشر الرحمة والمودة بين بني البشر. ولقد كانت لملاحظات الكاتب وتقريره الميداني عن مهته  أثر محمود في تحفيز فريق عمل الهلال الأحمر على الاستزادة من النقاط الإيجابية التى ثبتت فاعليتها على الأرض، ومن سرعة العمل على تدارك نقاط الخلل والقصور؛ حتى نتمكن من المساهمة في أداء رسالتنا الإنسانية على نحو يُخفِّف من معاناة الإنسان المهمش، والفئات الأكثر تضررًا في العالم.

* رئيس مجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر القطري

طباعة