الرئيسية صدى الأحداث ثورة أم و زوجة

ثورة أم و زوجة

0 ثانية
0
0
1,934

*ياسر الغرباوي

شعرت بالأسي والحزن عندما شاهدت فيديو استشهاد النقيب/ ضياء فتوح أثناء تفكيك قنبلة أمام قسم الطالبية بمحافظة الجيزة، وزاد ألمى عندما رأيت زوجته تسير فى جنازته وهى تحمل ابنتها الصغيرة التى لايتجاوز عمرها الأربعة أشهر وقد اتشحت بالسواد، وهذا الوجع الذى شعرت به هو ذاته الذى ُينغص على حياتى كلما تذكرت دموع أم زميلى الأستاذ/ محمد فتحى شعبان وهى تبكى فى لوعة وحزن على فقدان فلذه كبدها الذى قُتل فى ميدان مصطفي محمود يوم الأربعاء الموافق 14/8/2013 فى أثناء فض اعتصامى النهضة ورابعة العدوية ،فالقاسم المُشترك بين زوجة النقيب/ ضياء وأم زميلى/ محمد هو الشعور بالحزن وألم الفراق،فالنقيب سقط شهيداً من أجل الوطن، وزميلى محمد استشهد من أجل حرية وكرامة هذا الوطن أيضا.

فأمهات الشهداء من الثوار وزوجات الضباط فى الجيش والشرطة الذين قتلوا بيد الغدر والخيانة هن اللواتى يدفعن الضريبة الأوسع ويتحملن التضحية الأكبر تحت نفس اللافتة وبنفس العنوان من أجل الحفاظ على مصر وشعبها !!!! ،فإلى متى يستمر هذا النزيف فى فؤاد الوطن و قلوب الأمهات والزوجات؟؟ وما السيبل إلى وقف هذا المسار الدامى فى جسد الوطن؟؟ وماهى الوسائل الفاعلة والقادرة على كبح جامح هذا الجنون ؟؟

قد نجد الإجابة فى استعراض تجارب الأمم التى مرت بأوقات عصيبة ودامية وكان فيها للنساء عمل نوعى ضاغط أجبر المُتعطشين للدماء على التوقف عن سفك الدماء وخراب الديار وفقدان الأنفاس

الأمهات الروس:

دخلت روسيا فى حروب طاحنة فى الشيشان قُتل فيها الكثير من الجنود الروس وتعمدت حكومة موسكو إخفاء عدد الضحايا من الجنود الروس وخداع الرأى العام الروسي عن حقيقة المعارك الدائرة فى هذه البقعة الجغرافية فما كان من أمهات الجنود إلا أن شكلن لجنة بإسم أمهات الجنود الروس من أجل الضغط على الجيش الروسي لكشف الحقائق للرأى العام من حيث عدد الضحايا، وأمد المعارك، وأهداف الحرب، وقد شكلت هذه اللجنة ضغطا كبيرا على النخبة العسكرية الروسية وساهمت فى تقليص وقت وطبيعة المهمة العسكرية الروسية فى الشيشان

حركة الأربع أمهات :

قامت أربع أمهات إسرائيليات فقدن أبنائهن أثر سقوط مروحيتهم في إحدى المعارك الإسرائيلية بجنوب لبنان، أبان احتلال إسرائيل لها، بمظاهرة صغيرة على مفترق طرق بإحدى البلدات بشمال إسرائيل، احتجاجا على أن الحكومة الإسرائيلية، والتي أبدت استعدادها للانسحاب من جنوب لبنان في عام 1985، لم تفعل شيئا خلال الـ 12 سنة الماضية من أجل العودة إلى داخل حدودها الدولية، بل سمحت لاحتلال الجيش الإسرائيلي بأن يستمر. مما نتج عنه خلال هذه الفترة مقتل المئات من الجنود الإسرائيليين، دون وجود سبب وجيه لذلك، ودون تحقيق أي هدف يذكر.فعدد القتلى بين أفراد الجيش في جنوب لبنان كان فى ازدياد، لذا لاقت رسالة الأمهات الأربع آذاناً صاغية، وغذت مشاعر القلق عند الجمهور بسبب العدد الذي لا ينتهي من القتلى. مما أدى إلى تحريك الرأي العام وتعبئة الجمهور الإسرائيلي للمطالبة بسحب الجيش من جنوب لبنان، ومعارضة الحرب الدائرة هناك.

أمهات فرنسا وألمانيا:

حاولت الخارجية السويسرية ترميم العلاقات بين شعوب أوروبا المتحاربة فى الحرب العالمية الثانية وخصوصا بين كل من فرنسا وألمانيا من أجل بناء فضاء أوربي جديد بعيد عن نيران الكراهية والتعصب وحب الإنتقام فلم تجد سبيلاً أسرع وأفيد من جمع مجموعات من أمهات الجنود الفرنسيين والألمان الذين سقطوا فى المعارك فى أحد المنتجعات فى سويسرا ليوجهوا رسالة للشعب الألمانى والشعب الفرنسي أن زمن الألالم والحروب والكراهية قد انتهي وولي.

ثورة أم و زوجة :

وبناء على ما سبق على النساء المصريات سواء أمهات وزوجات الضباط الذين سقطوا شهداء فى ساحات المعارك، وزوجات وأمهات الثوار الذين قضوا فى ميادين مصروسجونها دفاعا عن الحرية والديمقراطية أن يتكاتفن سويا وعبر الوسائل السلمية لتبنى دعوة صريحة لوقف هذا المسار الدامى الذى يُفرض على مصر وشعبها، ويُقدمن تجربة إنسانية رائدة بعيدةً عن الصراع السياسي الخانق عبر الدعوة للتسامح والغفران وحقن دماء المصريين من أجل بناء وطن قائم على الحرية والمساواة والكرامة للجميع بدون تمييز أوإقصاء .

*مدير مركز التنوع

عرض مقالات ذات صلة
Load More By ياسر الغرباوي
Load More In صدى الأحداث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

بامكانك الاطلاع على

لقاء مع المفكر المصري الباحث والمهتم بقضايا بناء السلام والمصالحة المجتمعية

يحاوره د.عبد الله مشنون  يُعد الأستاذ ياسر الغرباوي أحد المفكرين المصريين البارزين عل…