الرئيسية صدى الأحداث تجربة تنوع بعين د/ توفيق السيف

تجربة تنوع بعين د/ توفيق السيف

0 ثانية
0
0
2,201

د. توفيق السيف

«تنوع» ليس أول مشروع شارك فيه ياسر الغرباوي. فقبلها كان عضوا فاعلا في الجماعات الطلابية الإسلامية التي تنظم نشاطات محورها التثقيف الديني وإقناع الطلبة بالتزام أحكام الشريعة ، فضلا عن مصارعة التيارات الأخرى المنافسة ــــ سياسيا أو اجتماعيا ــــ للتيار الديني الحركي. خلال هذه السنوات حصد ياسر ورفاقه مكاسب كثيرة، كما واجهوا إخفاقات عديدة. وفي نهاية المطاف، حين عاد للتأمل في مسيرته، وجد أنه ورفاقه لم يفعلوا شيئا سوى تكرار ما يفعله الجميع. هذا أشبه بزرع شجرة جديدة وسط الغابة أو سكب سطل ماء في النهر. سأل ياسر نفسه: هل هذا هو الأمل العظيم الذي راود نفسه التائقة للإبداع والمشاركة في تغيير العالم؟

هذه الاسئلة فتحت ذهنه على الخيارات البديلة، أي الواقع المتنوع خارج “الجماعة”.

حين حرر ذهنه من ذلك الإطار، اكتشف قضايا في مصر أكثر أهمية ومشكلات أكثر حرجا ، لم تطرح أبدا وسط “الجماعة”، ولا وردت في أدبياتهم، ولم يعتبرها أحدهم موضوعا يستحق التوقف، مثل الفقر والفساد والطبقية والبطالة والإحباط.. إلخ.

سأل ياسر نفسه: هل ستنتهي هذه المشكلات لو أصبح الناس أكثر تدينا؟

لكن السؤال الذي ألح على نفسه أكثر هو: أي من مشكلات البلاد يمكن لشاب مثله أن يشارك في حلها؟

في هذه المرحلة تعرَّف ياسر على المسألة الطائفية. رغم إقرار الدستور المصري بالحقوق المتساوية للمواطنين، إلا أنه اكتشف للمرة الأولى أن الأقباط لا يعاملون ــــ من جانب الحكومة ــــ كمواطنين طبيعيين. ثمة تمييز مقنن ومكتوب، وثمة تمييز متعارف عليه لكنه غير مكتوب، يمارس ضد المواطن المسيحي فيما يتعلق بمكان عبادته وفي فرصته للمنافسة على الوظائف العامة وفي تعبيره عن رأيه ومعتقده. في إحدى المناسبات ـــــ يقول ياسر ــــ قررت أن أرى كيف يعيش جيراني الأقباط. دخلت كنيسة. أخبرني القسيس أنه كان قائدا لإحدى الكتائب التي اقتحمت خط بارليف في حرب أكتوبر 1973، بعد نهاية الحرب كوفئ جميع ضباط الفرقة التي تتبعها الكتيبة بوسام الشجاعة ونجمة أكتوبر، عدا الضباط الأقباط وهو أحدهم. حينها فهم أن كونه مصريا شجاعا لا يكفي كي يعامل مثل زملائه المسلمين. يومئذ قرر ترك الجيش والعمل قسيسا.

أسس ياسر وعدد من رفاقه مركز “تنوع” من أجل كشف واقع التمييز وفضح تجار الكراهية، الذين يستعملون الدين لتفريق الناس وتبرير التمييز ضدهم. شارك في المركز شبان وشابات، مسيحيون ومسلمون، عملوا معا للتشهير بالكتاب والخطباء والشيوخ والقساوسة الذين يروجون الكراهية الدينية، ومسؤولي الدولة الذين يمارسون التمييز الطائفي، في الجانب القبطي والمسلم على السواء. منذ تأسيسه قبل بضع سنوات، انضم لمركز “تنوع” مئات من الشباب، وتعاون معه آلاف غيرهم. هذا النشاط نموذج على أن الجيل الجديد قادر على المساهمة في تغيير عالمه حين يحسن الاختيار.

الإقتصادية

عرض مقالات ذات صلة
Load More By ياسر الغرباوي
Load More In صدى الأحداث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

بامكانك الاطلاع على

لقاء مع المفكر المصري الباحث والمهتم بقضايا بناء السلام والمصالحة المجتمعية

يحاوره د.عبد الله مشنون  يُعد الأستاذ ياسر الغرباوي أحد المفكرين المصريين البارزين عل…