الرئيسية تقارير ومقالات إلى المسيحيين ونخبهم

إلى المسيحيين ونخبهم

2 ثانية
0
0
2,093

من خلال استعراض وقائع التاريخ وحقائق الجغرافيا نُدرك أن المكون المسيحي فى الجماعة الوطنية المصرية السواد الأعظم منه عاشق لمصر وشعبها، مؤمن بضرورة تماسكها، وحتمية وحدتها،ولكن هذه الحقيقة الراسخة تحتاج إلى جهد من الجميع لتصبح وجدانا شعبياً عارما وخصوصا بين الشباب المصري الذى يحاول أن يشق طريقه نحو بناء وطن جامع لكل أبناءه بدون تمييز أو وصم أو تهميش، وسأركز  هنا على ثلاث محطات رئيسه على المكون المسيحى المصري الأصيل العمل عليها وبقوة حتى نصل جميعاً لبر الأمان على أن أُفصل فى مقال قادم واجب الأغلبية المسلمة نحو الأخوة المسيحيين حتى ننجح فى تحييد المتعصبين المُنتشرين وسط المكونات المصرية المتعددة.

المحطة الأولي : الخطاب الجامع

من أجل نجاح المكون المصري المسيحى بكافة أنواعه فى الإندماج الكامل مع الأغلبية المسلمة علي المستوي الشعبي بعيداً عن المكاسب الهشة الممنوحة من الحكومات المتعاقبة والأنظمة التي غالبا ما تذهب بذهاب الحكومة أو الحزب المانح لها؛يجب على الأخوة المسيحيين تبنى خطاب جامع يتعاطف مع كل مصري مظلوم بغض النظر عن دينه أو عرقه أو لغته ،خطاب يجمع ولا يفرق، ويبحث عن القواسم المشتركة ويدعمها ويبني عليها من أجل تأمين المستقبل المصري من الفتن الطائفية العاصفة
 

المحطة الثانية : النماذج الجاذبة
 

على المكون المسيحي أن يُبدد مخاوف وهواجس الأغلبية نحوه عبر تقديم نماذج جذابة علي مستوي الأفراد الذين يؤمنون بقيم الوطنية و المواطنة والمساواة والعدالة ،وخصوصاً في أوقات الشدائد التي تمر علي الوطن ،ونتذكر هنا للإنصاف مواقف رجالات الكنيسة الأروذكسيه المصرية كنموذج وطنى ناجح عندما وقفوا دائما ضد الغازي الأجنبي علي الرغم من محاولته إغراءهم ببعض المكاسب الاقتصادية والقانونية علي حساب الأغلبية، ومن هذه المواقف موقف الأب سرجيوس عندما وقف علي منبر الأزهر في القاهرة إبان ثورة 1919 ليقول ” إذا كان الانجليز يتمسكون ببقائهم في مصر بحجة حماية الأقباط ،فأقول ليمت القبط وليحي المسلمون أحراراً”، وينبغي للأخوة المسيحيين أن يؤسسوا هيئات مجتمع مدني تقدم خدماتها لجميع المصريين دون التفرقة بينهم بسبب اختلاف الدين أو العرق أو اللغة متى تيسر لها ذلك ، وفي هذا الإطار يمكن الاستفادة من التجربة الكاثوليكية في مؤسساتها التعليمية المفتوحة لكل المصريين المسلمين والمسيحيين علي حد سواء .
 

المحطة الثالثة : الشراكة في الآلام
 

عندما يعترى مصر مكروه داخلي متمثل في حاكم مستبد أو كارثة طبيعة يظهر المعدن الأصيل للمجموعات الوطنية التي تؤمن بالوطن والوطنية ،ففي فترات الاستبداد والقهر يسعي الطاغية إلي آلية التفريق بين مكونات المجتمع عبر خطب ود الأقليات وإعطائها بعض المكتسبات الهشة ليجعلها منطقة حاجزة بينه وبين غضب الأغلبية، فينبغي للنخب المسيحيية المصرية أن تفهم هذه المعادلة وأن تنحاز للوطن وليس للمستبد وأن تتحمل مع الأغلبية أوجاع الوطن وتناضل مع الجميع لتسود قيم العدالة والمساواة علي الجميع.وقد شاهد الجميع طرق نظام حسني مبارك البائد في رزع بذور الشقاق والفرقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر واللعب علي وتر الطائفية ليضمن لنفسه بقاءاً أطول علي كرسي الحكم. ويمكن للمكون المسيحيى المصري الإستفادة من تجربة الأقلية المسلمة في دولة جنوب إفريقيا والتي تشكل قرابة 2% من إجمالي عدد السكان كتجربة رائدة في هذه المحطة حيث وقفت هذه الأقلية مع السود في نضالهم ضد نظام الفصل العنصري؛ وردت الأغلبية الجميل لها عبر منحها الحريات الكاملة والحقوق الدستورية التي تجعلهم علي قدم المساواة مع الجميع في ظل الجمهورية الجديدة بعد انتهاء سياسية الفصل العنصري .
من خلال هذه المحطات السابقة على النخب والقيادات المسيحية المصرية أن تبدع طرقا متنوعة تنال من خلالها حقوقها المشروعة في إطار الحفاظ علي وحدة وتماسك الجماعة الوطنية وفي إطار الوطن الجامع والوطنية الخالصة

عرض مقالات ذات صلة
Load More By ياسر الغرباوي
Load More In تقارير ومقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

بامكانك الاطلاع على

لقاء مع المفكر المصري الباحث والمهتم بقضايا بناء السلام والمصالحة المجتمعية

يحاوره د.عبد الله مشنون  يُعد الأستاذ ياسر الغرباوي أحد المفكرين المصريين البارزين عل…